أم لإثنين وجدة لثلاث. هي الإعلامية غادة ماروني عيد، المرشحة لخوض معركة انتخابات 2022 النيابية عن الشّوف لكلّ لبنان. وعيد كانت أول من حرّض على الثورة من الإعلاميّات قبل اندلاعها، سواء عبر برنامجها “بدّا ثورة” عام 2019 الذي تُرجم إلى واقع مع نهاية موسمه الثاني… أو برامجها التي فضحت فيها ملفات مدفونة بعيدة عن أنظار المواطنين… أو عبر المطبوعات الصادرة باسمها بكتب ثلاث تحت عنوان الفساد. وبعد أن خاضت العمل البلدي في بلدة المطلة الشوفيّة كعضو منتخب، وكنائبة رئيس البلدية. أعلنت عيد خبر ترشّحها إلى المقعد النيابي للمرة الثانية على التوالي أملاً بتغيير جذريّ تشريعياً. فمن هي؟

مواليد عام 1966، وبدأت الكتابة منذ الصغر حيث خاضت أولى تجاربها الصحفية عن عمر 13 عاماً، من مجلة “زحلة الفتاة”. حازت عيد على شهادة في الصحافة من كلية الإعلام والتوثيق ودبلوم دراسات عليا من جامعة بيروت العربية. وهي من الإعلاميات العاملات في المجال ما قبل الثورة الرقمية، حيث كانت تستغرق ساعات من البحث في أرشيف الصحف، وتقضي ساعات في قصور العدل، بحثاً عن معلومة تضعها بين يدي الرأي العام، موثقة تحقيقاتها القضائية بالمعلومات المُأرشفة بالتفصيل تنقل واقع المحاكمات، احتراما لحق الناس بالوصول إلى المعلومات وتوثيقاً للفساد وتكريساً للشفافية

وفي مجال الصحافة المكتوبة، عملت عيد في عدة صحف ومجلات منها الديار والأنوار ونداء الوطن والوطن العربي والحوادث. وعملت أيضا في الصحافة القضائية كما ترأست صفحة التحقيقات في نداء الوطن تحت عنوان “نداء الناس”. لتعود وتتفرغ للقسم القضائي في أخبار تلفزيون الجديد. لكنّ نقلتها النوعية، أتت بعد مبادرتها عام ٢٠٠٥ إلى إعداد و تقديم برنامج “الفساد” على شاشة الجديد، بمواسمه العديدة والذي وضعت فيه عيد ملفات صادمة بين يدي الرأي العام اللبناني، ليبدأ بعدها مشوار محاربتها، وتوقيفها وتهديدهاوتخّصصت عيد في البرامج الاستقصائية، واعتادها اللبنانيون إعلامية شرسة، تقف بالمرصاد ظلاً لرجالات المنظومة تتابع عن كثب خروقاتهم وتجاوزاتهم وصفقاتهم بالتراضي وتكشفها، وتخوض المواجهات عبر الشاشة معهم، بمعلومات موثقة لا تقبل الطعن. وانتقلت بعدها، إلى محطة أم.تي.في حيث كانت لها برامج عدة: “علم وخبر” وبرنامج “بدا ثورة ” الذي تلته ثورة ١٧ تشرين، وآخرها برنامج “مشروع دولة” الذي يعرض خارطة طريق الحلول في كل القطاعات المتصلة بالحكم

توّجت عيد باقة أعمالها عبر تأسيس موقع التحري الالكتروني المعارض لنهج السلطة عام ٢٠١١. لتكون للسلطة وفسادها بالمرصاد. وواجهت عيد محاولات قمع القضاء والأمن والسلطة عبر دعاوى قضائية ومذكرات توقيف صدرت بحقها بعد مواجهتها لقضايا الفساد وكشف الفاسدين. ولم تكتف بفضح الفساد عبر برامجها، بل وثقته في مؤلفات ضمن مجموعة تحت عنوان الفساد منها: سوكلين وأخواتها “النفايات ثروة و ثورة” والخليوي أكبر الصفقات والفساد أساس الملك. واضعة تلك المعلومات كمرجع للصحافة والمواطن على السواء. وعيد التي كشفت فساد ودائع المقاولين، من خلال ملف “سوكلين”، وكشف الفساد في ملف الخليوي، رفعت عشرات القضايا القضائية بحق سياسيين ومنتفعين فاسدين، منطلقة من تحقيقاتها الاستقصائية. ولم تقف عيد عند المجال الإعلامي، بل أنها حاولت تجسيد خطر الفساد على الدولة اللبنانية عبر عمل درامي مُصوّر، وهو مسلسل “كواليس المدينة” الذي يبحث مشكلة الفساد في لبنان بأسلوب دمج بين الفن والواقع وجسد قصة حقيقية

وأحد أهم أسباب انخراط عيد في الشأن العام، وتطور نشاطها السياسي حدّ خوضها معركة انتخابات ٢٠١٨ (حيث حازت 2094 صوتا تفضيلياً) ومعركة الاستحقاق الانتخابي اليوم ضد المنظومة على لائحة “توحدنا للتغيير” الموحدة للمجموعات الثورية في الشوف-عاليه، هو عملها البلديّ الذي قرّبها من الناس، حيث انتخبت عضواً لبلدية المطلة الشوفية عام 2001 وكانت على تماس مع معاناة المواطنين بسبب المنظومة وفسادها

وتطمح عيد لنقل تجربتها اليوم إلى المجلس النيابي، إيماناً منها بضرورة إيقاع الخسارة بالمنظومة وأحزابها، وضرورة خوض المعترك السياسي من بوابة المجلس، حيث تشريع القوانين، وحيث تدار المعارك “محاصصة” بين السياسيين”، فيما يحتاج اللبنانيون من يمثلهم ويمثل حاجاتهم في الداخل، لا بل وينقل “ثورتهم” إلى مسرح التشريع، ويواجه عنهم شراسة الحكم والحاكمين ويسائلهم ويطرح الثقة بهم. ولعل برنامج “مشروع دولة” الأخير لعيد، يعكس أي دولة تريدها، دولة مدنية علمانية للخبراء رأي فيها، لمواطنيها فيها حقوق، ولمسؤوليها عليهم واجبات، وهي أكثر من يدرك تلك الواجبات انطلاقاً من احتكاكها مع المواطنين، من هنا فإن استقلالية القضاء وتطبيق القوانين عندها أولوية، فهي أكثر من سار في دهاليز فساد هذه المنظومة، وهي من هذا المنطلق ترشحت على الانتخابات، إيمانا منها ببناء الدولة يداً بيد مع القوى التغييرية المنبثقة عن روح ثورة 17 تشرين